الأردن: سنقمع أي تظاهر بما في ذلك تظاهر النظام بأنَّه ديمقراطي
١٠ أغسطس، ٢٠٢٠
بعد أن لفت المعلمون أنظار النظام الأردني إلى خطر التظاهر على استقرار البلاد والمتحكمين به في أماكنهم ومراكزهم، بدايةً بتظاهرهم أنَّهم معلمون ومربو أجيالٍ يتحدثون إليهم عن الديمقراطية في البلاد والتعددية والعمل الحزبي، ثمَّ صدقوا الكذبة وأسسوا نقابةً وطالبوا بحقوق ومارسوا عملاً منظماً وبدؤوا بنشر هذه المظاهر الخداعة في المجتمع الأردني، اضطرت الدولة الأردنية لقمع كافة أشكال التظاهر، بما في ذلك تظاهر النظام بأنَّه ديمقراطيٌّ يرعى الحريات وينزل كما فعل ولي عهده قبل عامين قرب مراكز الاحتجاجات ليطلب من رجال الأمن احترام حق المواطنين في التعبير وتوزيع المياه والأزهار على المحتجين.
وكان النظام الأردني قد بدأ التظاهر بأنه ديمقراطيٌّ في أواخر القرن الماضي بإنهاء فترة عمل الأحكام العرفية وعودة الحياة البرلمانية في البلاد، ووصل التظاهر أوجه عامي ٢٠١١ و٢٠١٢ حين اضطرت الدولة لإجراء تعديلاتٍ دستورية وإجراء بعض الإصلاحات السياسية الشكلية بعد تظاهر المواطنين أنَّهم في تونس، ولأنه ما طار طير وارتفع إلا وكما طار وقع، أعيد تعديل التعديلات الدستورية وعاد حليم إلى عهد والده القديم، لكن بشكلٍ تدريجيٍّ نظراً لارتباط البلاد وخزينتها بمساعدات وتمويل الأجانب الذين يفرضون معاييرهم ويربطونها بالدعم، ما ألزم النظام بالتظاهر هنا وهناك والحفاظ على وجهين مختلفين لوقت أكثر مما يجب.
ومن المرجَّح أن يُطبق قرار منع التظاهر تماماً فور انتهاء عقود التظاهر بإجراء انتخابات برلمانية والإعلان عنها المبرمة مع الاتحاد الأوروبي في السابق، إضافة لإصدار بضع أوراقٍ نقاشية ونشر كتبٍ وعقد مؤتمراتٍ مع عشاءٍ فاخرٍ للإعلاميين، لتتوقف الدولة بعد ذلك عن محاولات محاباتهم ويُمنعوا من التظاهر باستقلاليتهم وأن تأتي كلمة “حرية” وما شابهها على ألسنتهم والاكتفاء بنشر ما تمليه عليهم المخابرات، وإيقاف التظاهر بالفصل بين السلطات الثلاث والمصادقة رسمياً على دمجها تحت جناح السلطة التنفيذية، التي ستنفذ بدورها لعن والد كل من يتجرأ على فتح فمه بكلمة أو يفكر بأنه مناضل معارض.
ويشير خبراءٌ إلى أنَّ نجاح تجربة منع التظاهر بالديمقراطية سيحفز النظام على التوقف بالتظاهر أنَّه نظامٌ أساساً ومصارحة الشعب بأنَّه مجموعة من المتنفذين الأثرياء الذين يسعون لتحقيق مصالح شخصية، إضافةً لوقف التظاهر بأنَّهم يرون الشعب شعباً والدولة دولة، والتوقف عن التظاهر بوجود سيادة وخطوط حمراء واستقلال، ولكن دون وقف الاحتفال بعيد التخلص من المحتل حتى يتسنى للمواطنين التنعم بالاستماع للأغاني الوطنية وتأمل صور الملك أينما ذهبوا.
ويخرج بذلك الأردن من عهد تقلب الوجوه والمظاهر الخادعة والاعتماد على الاتحاد الأوروبي الذي يرغمه على تطبيق تعليماته، منتقلاً إلى مستقبلٍ واعد مشرقٍ من العلاقات الطيبة مع الخليج، والتي سيحصل بفضلها على أضعاف الدعم المادي، ومساعداتٍ عينية مثل استغلال مهارات الإعلام الخليجي في نشر بروباغاندا من شأنها شيطنة خصوم الدولة الأردنية وتلفيق التهم لهم، فضلاً عن تشارك الأنظمة الشقيقة لخبراتها في إدارة مزارع الذباب الإلكتروني واللايكات والتجسس على المواطنين، مقابل تطبيق تعليمات الخليج التي يتفق الأردنُّ معها بكل الأحوال، ليصبح منارةً لقمع من ينتقد نظامه وأي نظامٍ ديكتاتوريٍّ صديقٍ يمنحه المال.