آداب وفنون: كيف يتماهى الشاعر الكبير فاروق بكلات مع سفرجلة النص الأدبي؟
معاذ شطّة - الناقد الفنّي والأدبي في شبكة الحدود
٢٦ أكتوبر، ٢٠١٥
عندما تتأوه الفضاءات الكونية في اللوحة، ساحبةً روح المشاهد إلى غياهب سرمدية القرنفل، عندما لا تدرك إذا كان هذا العمل أمامك لوحة أم قصيدة نثرية أم تزاوج الأنا بمنحوتة الآخر، عندما تلج العمل الفني وتخرج منه كما أنت تماماً، فاعلم أنك كنت في حضرة الشاعر الكبير فاروق بَكَلات.
في الأمسية الشعرية التي وقعت مساء الأمس في آخر مركز ثقافي في البلد، استعرض شاعرنا الكبير، الإنسان والفنان فاروق بَكَلات، موجةً صور شعرية من ديوانه الجديد “معلّقات حبل الغسيل – الإيقاع في سائر الصورة”. عشرات من الشباب الواعي في أواخر العمر تجمّعوا ليستمتعوا بلطمات روحانية عشوائية امتزجت بكلاسيكيات تكوين ما بعد الحداثة، لتخرج النص من كلماته، واللون من خيالاته، والإنسان من وعيه.
وفيما يلي مقتطفات، قطفتها لكم، أنا الناقد الفني والأدبي، معاذ شطّة، من آخر ديوانٍ شعري لبكَلات، امتزجت فيها المنحوتة الصورية بمدلولات الوعي، كما ستلاحظون طبعاً.
المقتطف الأول:
“عيناك،
أنفاك،
إبهاماك،
روح السماء تحت الدرج،
لماذا، وليس كيف،
هي الأسئلة،
تترك العلامات في رسوب الوقت،
وأنا ما زلت بلا سيارة تحملني”
من المؤكد أن أول ما يخطر لقارئ فاروق بَكَلات، في فضاء هذا النص تحديداً وبقية النصوص، هي إشكالات الوعي في عصر انعدام المعنى وموت القارئ والكاتب ومدير دائرة النشر، فعندما يتغنّى الشاعر بأعضاء جسمه أو أعضاء جسم عشيقه/ته، فهو يتحدّث عن ارتعاش نشوة امتحان الوقت. إلّا أن اهتزاز الإيقاع وعدم وجود مواصلات عامة، ولا خاصة، في حالة بكَلات، جعلا من نصّه سفرجلةً لا تمكن رؤيتها، فروح السماء تحت الدرج كما عرفنا. ومن الملاحظ بعنف تداخل بَكَلات مع كيانه الشخصي، لكن العام، في مكعّب تفكيكاته اللغوية.
إلى هنا، ينتهي الجزء الأول من المادّة النقدية، لنترك لكم مجالاً للتنفس في ظل كلمات بكلات الكثيفة الزاخرة دائمة الخضرة، مع وعد بأن نستكمل المادة النقدية بعد هضمكم الفقرات السابقة والتخلص من أثرها المباشر في مشهد الفوضى المعاصرة.