لايف ستايل، دليل الحدود

دليل الحدود للاستيقاظ صباحا مفعما بالنشاط والحيوية للقيام بالزفت نفسه كل يوم كل يوم كل يوم يلعن الوجود كلّه وشرف هكذا حياة

عُرَيب الشألُباصي - خبير الحدود لشؤون الزفت التفاؤل

Loading...
صورة دليل الحدود للاستيقاظ صباحا مفعما بالنشاط والحيوية للقيام بالزفت نفسه كل يوم كل يوم كل يوم يلعن الوجود كلّه وشرف هكذا حياة

من المؤكد، لا يمكن سوى أن تكون، ولا بد أنك مررت بأيام – إن لم تكن جميعها – استيقظت فيها شاعراً بثقل يُطبق على صدرك أو مغناطيس يشدك ويبقيك في السرير بلا حول ولا قوة، والحقيقة أنه لا يوجد ثقل ولا مغناطيس، بل خيبات أمل وتعب وملل تراكمت خلال حياتك إلى أن بلغ بك الحال حد البقاء متمدداً تتنازعك الأفكار والهواجس والتساؤلات لينتهي بك الحال متأملاً الوسادة/الشخص الذي بجانبك، أو المصباح في سقف الغرفة، أو الفراغ، مجرد الفراغ.

ولكن عليك ألّا تستسلم لهذا القرف؛ يجب أن تنهض سعيداً منفرج الأسارير مُقبلاً على الحياة، لأن لحظات الصباح الأولى هي حجر الأساس لطبيعة يومك بالكامل، ولأن لا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة، ولأنه من المعيب جداً أن تستيقظ متعكِّر المزاج من حياتك؛ فالسعادة الآن باتت موضة، علينا أن نستيقظ جميعاً سعداء وكأننا نعيش في دعاية كريم أو عطر أو شوكلاتة أبدية لا تنتهي. لأجل ذلك، أقدم لك الخطوات التالية التي طبقتُها وأثبتت نجاعتها – وليس لأن رئيس التحرير كلفني بهذه المهمة – لتبدأ كل صباح كل صباح كل صباح نشيطاً منطلقاً وتمارس ذات النشاط الزفت الذي مارسته طوال حياتك الملعونة بنعل حذاء عتيق.

بداية، عليّ توضيح أن تحقيق هذه الغاية أمر بديهي في غاية البساطة، حتى أنك سمعت أولى الخطوات مراراً في طفولتك: نم باكراً لتنال قسطاً من الراحة؛ فمن المعروف أن للنوم أثر كبير على مزاجك وصحتك النفسية وقدراتك العقلية، لذا، سارع بتقديم استقالتك من إحدى الوظائف التي تشغرها لتأمِّن دخلاً يبقيك على قيد الحياة، أو تخلَّ عن وظيفتك الوحيدة التي تلتهم إحدى وعشرين ساعة من يومك. 

كنت آمل أن أمنحك خياراً أفضل، لكن الواقع يفرض أن تُكرّس جميع ساعات صحوك  للعمل، وكل لحظة تقضيها مستيقظاً دون عمل تُقتطع من ساعات نومك. لذا، عليك التضحية وخسارة جزء من دخلك، ما سيضطرك للاستغناء عن السكن في منزل أو تناول الطعام أو الخدمات الأساسية. الخيار لك، ولكنه ضروري؛ إذ من المستحيل الاستمرار بحمل كل البطيخ بيد واحدة وانتظار معجزة تساعدك على الاستيقاظ سعيداً في الصباح.

بعد ذلك، عليك بالطعام الصحي، الخضار والفواكه بالتحديد، لا مزيد من المعلبات والوجبات السريعة، وهذا لا يعني أكل أي حبة خضارٍ تجدها أمامك، يجب أن تكون مرموقة رفيعة المستوى أورغانيك. ثابر على تناولها، وادفع دم قلبك لشرائها كل يوم، لتكتشف أنَّها مثل كل شيءٍ في حياتك، مجرد سلعة مغشوشة، وأنَّك لم تفعل شيئاً سوى تغيير نوع الهراء الذي تأكله، أو أنها بالفعل سلعة محترمة، ولكن الماء الملوث والهواء الملوث والحياة الملوثة تفسد مفعولها حتى لو أكلت أطناناً منها.

لاحظ أن استقالتك من إحدى وظائفك ستفقدك القدرة على شراء طعام “صحي”، لأن تأمينها يتطلب منك العمل طوال الوقت، وكل ذلك لتستبدلها بنظامك الغذائي الحالي، الذي يُعدّ متعتك الوحيدة في الحياة.

أخيرا، عليك بكسر الروتين، وهذا يتطلب تغيير نشاطاتك وتنويعها لرفع إفرازات الأدرينالين وهرمونات السعادة، ولكن، كيف تُحقق هذه الخطوة إن كان أقصى تغيير لديك يتمثل بالجلوس في مقهى يطلُّ على  المقهى الذي اعتدت الجلوس فيه؟ دعني أخبرك، ما رأيك لو جلبت معك إلى القهوة دفتراً وقلماً ووضعت استراتيجية وقائمة نشاطات لتغيير الروتين؟ أو .. لست متأكداً .. ما حاجتك لهذا التغيير، وما أثره الملموس على حياتك؟ ما الذي يخبئه لك القدر وأنت عبد فقير مملوك للوقت والالتزامات وأرباب العمل؟ إن أصابك الفضول ما عليك سوى مراجعة البارحة، لن يختلف شيء، ربما لون قميصك ونوع القطعة التي ستتعطل في سيارتك وأنت ذاهب للعمل والنسبة التي سيخصمها المدير من راتبك عقاباً على تأخُّرك. ولكن .. دعك من النكد … ثابر على وضع استراتيجيتك إلى أن تنام وأنت بوضعية الكتابة، لتستيقظ صباح اليوم التالي وتكتب مجموعة نصائح تساعد على الاستيقاظ بحيوية وإقبال على الحياة، تقتصر الحقيقة فيها على شحنة الكآبة التي أوردتها في المقدمة بضمير المخاطب باعتبارها تتعلق بحياة القارئ، لئلَّا يعرف أحد أنك تروي قصة حياتك أنت، يومك أنت، بذات الملل الذي ستكرِّره للأبد.

أتمنى أن تكون قد استفدت شيئاً من هذا المقال، وطزٌّ إن لم تستفد، وكأنك كنت تنتظر قراءته لتسارع إلى قلب حياتك رأساً على عقب، أو أن تغييرها سيستمر لأكثر من أسبوع قبل العودة للروتين الذي عهدته. إن مقالات تتحدث عن التغيير والحيوية والفرح ليست لنا، بل لمن قُدِّرت لهم السعادة في هذه الحياة، الذين يأملون كسر الروتين بعدما ملُّوا كثرة السفر ويرغبون بفعل شيء جديد، أما نحن، يا عزيزتي ويا عزيزتي، فحتى طرقنا بالتغيير وكسر الروتين أصبحت روتينية.

شعورك تجاه المقال؟