وفاة شجرة في العاصمة من الوحدة
١٨ يونيو، ٢٠٢٠
بعد صراع طويل مع المدينة، فاضت روح الشجرة الواقعة في حي أم التنابل، شارع الدبابيق – الرصيف الثاني على اليسار، نتيجة الوحدة الشديدة التي عانت منها منذ غرستها البلدية لوحدها ضمن مشروع تشجير العاصمة.
وبقلب يعتصره الحزن والأسى، نعى رئيس بلدية العاصمة السيد مسعود بندولي، الشجرة المتوفاة “كل نفس ذائقة الموت، كنا على بعد أعوام فقط من استكمال مشروع التشجير وزراعة رفيقات لهذه المسكينة، ولكن قدّر الله وما شاء فعل. أتذكر اليوم الذي زرعناها فيه وكأنّه اليوم، ما زلت أحتفظ بصورتي معها برفقة وزير الزراعة، الذي تفضل مشكوراً بطلب تمويل المشروع من المنظمات الدولية وأشرف على بدئه قبل ٢٠ عاماً”.
وقال مسعود إنّ الشجرة كانت طيلة حياتها عرضة للتنمر “منذ كانت صغيرة، دأب أولاد الحارة يتسلطون عليها بتكسير أغصانها، وقد حاول بعض المراهقين تسلقها عدة مرات رغم أنّ حجمهم يفوق حجمها، ما أثّر على نموها بشكل ملحوظ. وحين كبرت، راحوا يستهزؤون بشكلها واتهموها بتشويه منظر البلاط الأنيق، وطالبوا بإزالتها، متناسيين أنّها مصدر الأكسجين الوحيد في الشارع، حتى أنّ بعضهم تمادوا ورسموا رسومات إباحية عليها وصاروا يكتبون كلمات بذيئة تُقلل من شأنها وتزيد من وحدتها”.
وأكّد مسعود أنّ المرحومة علّمت سكان العاصمة معنى العطاء “تسقط أوراقها خريفاً تلو خريف ولا تجد من يكنسها عن الرصيف، تمنح الأكسجين لسكان المدينة وحدها دون انتظار ثناءٍ من أحد، وهي تعلم تماماً أنّها لن تجده مساءً حين تحتاج لتنفسه بسبب التلوّث في العاصمة”.
من جانبه، حمّل المواطن سلوم فراقيع المسؤولية للبلدية “يقتلون القتيل ويمشون في جنازته. لطالما أطلقوا وعوداً في الهواء والمسكينة تنتظر وصول فوج آخر من الشجر. كانت تنتظر هطول المطر حتّى تشم رائحة المياه، وحين يهطل ينفجر الصرف الصحي ويُسمّم جذورها بخليط من المواد الكيميائية المستخدمة في مساحيق تنظيف الأرضيات والحمامات والأواني، لولاي، نعم لولاي أنا شخصياً لماتت منذ ١٠ أعوام، فقد كنت أرعاها واعتني بها بالتبوّل عليها مرتين بالأسبوع”.