كيف تُخفي سعادتك بعجز من حولك عن السفر هذا الصيف؟
فاتن فرغل - مراسلة الحدود لشؤون السعادة المؤقتة للفئات الأقل حظاً
١١ يونيو، ٢٠٢٠
جاء الصيف الذي انتظرته طويلاً؛ صيفٌ هادئ مريح يتيح لك التمتع بإجازة طويلة رائقة خالية من فيديوهات وصور أصدقائك على إنستاغرام وهم يسبحون في جزر المالديف ويجوبون الطرق الريفية في جبال الألب ويداعبون الأفيال والزرافات في كينيا ويتسوَّقون في تركيا. حتّى تركيا يا الله لم تتح لك فرصة زيارتها، واستمريت في سماع قصص جارتكم أم فواز عن جزرها الخلاّبة وأسواقها الرخيصة وطعامها اللذيذ الذي تتذوقه كل صيف برفقة فواز وفوزية وكل الجيران الآخرين، عداك أنت.
وبعد إغلاق المطارات والرحلات والشواطئ والمزارات، لا بُدّ أنّك تشعر بالغبطة والسعادة والشماتة بأصحاب الشمسيات والمايوهات والبشرات البرونزية وأكياس السوق الحرة، الذي سيضطرون للانحشار في منازلهم كالشّطار، مثلك تماماً. لكنّنا لا ننصحك بالمتاجرة بالأزمة وإظهار مشاعر السعادة والنشوة التي تعتريك؛ لأنّ الشماتة بالآخرين والأطباع اللئيمة تقتل صاحبها، ولأنّ استفزازهم سيتيح لهم الفرصة للحديث عن رحلاتهم السابقة وتقليب مواجع ماضيك المليء بالحرمان عليك. لذا؛ عليك الاستعانة بالكتمان وإخفاء مشاعرك قدر المستطاع حتّى تحافظ على فرحك.
ولإعانتك على هذه المهمة الصعبة، أضع بين يديك الطرق التي اتبعتها لإخفاء شماتتي بالزميل قصي الذي هاهاهاها، الذي لن يتمكن من أخذ هههههه من أخذ إجـ هههه جازة وقضاء عطلته في ماليزيا 😄😈
أولاً: استحضر تجارب سابقة من ذاكرتك؛ فهذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها موقفاً مشابهاً. تذكَّر الطرق التي كنت تقمع فيها ابتسامة عريضة حين تعلم أنّ صديقك الذي تكرهه يمرُّ بضائقة مالية ولن يقترح الخروج معك طيلة الشهر، أو حين يهم شخص بدفع الحساب في المطعم ويعفيك من حصتك، أو عندما تخبرك أمك أنّها لم تجد فاصولياء في السوق وستضطر لإعداد برغر مقلي مضرٍّ بالصحة على الغداء. تذكّر تلك اللحظات واعلم أنّ هذه اللحظة لا تقل أهمية عنها، وأنّ أي إظهار لمشاعر فرح أو شماتة سينقلب عليك مستقبلاً بعد فتح المطارات وانتقام أصدقائك بعدم إهدائك كروز دخان من السوق الحرة.
ثانياً: راقب ردَّات فعلك العصبية وملامح وجهك. احمل معك مرآة صغيرة وتتبَّع تلك التجاعيد التي تحيط بالعينين وتفضح انفراج أسارير صاحبها، وانتبه لنبرة صوتك؛ فأي علو أو طاقة تظهر عليه ستشي بأنّ سعادتك وصلت عنان السماء وبدأت تخرج عن السيطرة، ولن يصدقوك مهما ادعيت أنّك متضامن معهم تتمنى لو أنّهم يتمشون في شوارع روما في هذه اللحظة. حاول أن تحمل معك منديلاً صغيراً تُخفي به وجهك في حال خرجت الأمور عن السيطرة، وادَّعِ إصابتك بالإنفلونزا.
ثالثاً: احفظ عدداً كبيراً من النكات والمواقف المضحكة وتدرّب جيداً على ارتجالها؛ فنحن نعلم أنّ الشماتة مثل الحب والحبل وركوب الجمل، أشياء يصعُب إخفاؤها، خاصة وأنّها لحظة مشاعر مكثفة، لذا؛ قد تطلق ضحكة مُزلزلة عالية غير مُبررة، عليك أن تكون سريعاً وتدعي تذكُّرك إحدى المواقف المضحكة التي تدرَّبت على أدائها. ولا بأس إن شكّوا أنّك لا تشعر بحزنهم؛ فقد غمروك بنظرات الشفقة على مدار الأعوام الماضية دون أي شعور بالذنب.