لايف ستايل، دليل الحدود

دليل الحدود للتعبير عن عواطفك العميقة باستخدام الإيموجيز بدل اللغة

هالة حُفراش - 🤓💬

Loading...
صورة دليل الحدود للتعبير عن عواطفك العميقة باستخدام الإيموجيز بدل اللغة

منذ فجر التاريخ، أدرك الإنسان الأول أن التعبير عن الذات ورغباتها أمر بسيط يمكن إنجازه بإصدار أصوات من الحنجرة تعبيراً عن الانفعال: “آه” عند الخوف، “أوه” عند الدهشة، و “أي” عند الألم، ثم بدأ يربط هذه الأصوات ويرتبها للإشارة إلى الأشياء من حوله. ومع تطور نمط الحياة، أخذ الإنسان يحفر ويرسم أشكالاً على جدران الكهف، ليصوّر المواشي والطيور والأشجار وغيرها من الأشياء المهمة المسيطرة على تفكيره. ثم راح يختبر إمكانية التعبير عن الأصوات بالرسومات، وابتكر مجموعات مختلفة من الرموز؛ فكانت الحروف والكلمات والجمل واللغات واللهجات، التي واصل تطويرها منذ الأزل لتدل على كل شيء، حتى الأشياء غير الملموسة أو المرئية بالعين المجردة، كالمشاعر على تنوعها واختلاف درجاتها، وكأن على الدنيا الوقوف وانتظار حضرته ريثما يختار الكلمة الأدق في وصف شعوره بالحب بين ثلاثين مرادفاً.

استمر البشر على هذا المنوال حتى اخترعوا آلة التصوير، وهو ما ذكَرهم بتفضيلهم الصورة على الكلمة. ورغم أن معظم البشر مالوا للتلفاز أكثر من الجريدة أو الراديو، إلا أنهم استمروا في تكريس الوقت والجهد لتعلم القراءة والكتابة في المدارس رافضين الاعتراف بأن الإنسان الأول كان مُحقاً، وأن الحضارات أضاعت آلاف السنين باستنباط طرق للتعبير عن مشاعر وأفكار عديمة الأهمية. لكننا اليوم قادرون على تصويب هذا الانحراف في مسار التاريخ؛ لأننا نعيش في عالم مليء بالصور، والإيموجيز، التي تختصر الكلام وتخنزل كمَّاً كبيراً من التعابير. إليك عزيزي القارئ هذا الدليل الذي سيوقظ مهارتك الفطرية في التواصل والتخلص من عبء اللغة.

١. خُذ وقتك في بناء مخزون من الإيموجيز 

هل كنت تعلم أن معجمك اللغوي مُذ وُلدت وحتى مماتك سيضم نحو ثلاثين ألف كلمة؟ تخيّل لو اخترت منها ٢١ كلمة فقط وبقيت تكررها نفسها في أحاديثك كافة، سيكون الأمر مملاً، أليس كذلك؟ هذا تماماً ما يقتصر تواصلك على “الإموجيز الأكثر استخداماً”. إن هذه العادة تجعلك كسولاً وتلهيك عن البحث في داخلك عن الرسالة التي تود إيصالها حقاً؛ فأنت تكتفي بالرد بـ 😂 بغض النظر عما إذا كنت فعلاً 😂 أو 🙂 أو 😀 أو 🤣.

عليك تحمل عناء تعلم أصول الإيموجيز كما تحمَّلت عناء تعلم الكلام. لا تقلق، لن يكون الأمر بالصعوبة ذاتها هذه المرة، وسترى الجدوى من ذلك على المدى البعيد؛ عندما لا تعود مضطراً لتكبُّد مشقة الكلام. تحلَّ بالصبر وتأمَّل لوحة المفاتيح، تمعّن في الخيارات المتاحة لديك، وتعلم إيموجيز جديدة من سياق أحاديث الآخرين، والأفضل أن تسارع لتوظيفها ضمن جملة مفيدة في أقرب فرصة، أو حتى استبدال الجمل بها.

٢. تصالح مع زمانك

أنت ابن اليوم؛ ومن الطبيعي أن تقضي نهارك وليلك أمام الحاسوب والهاتف الذكي، وهذا لا ينتقص من تعقيد أفكارك وعواطفك أو من قدرتك على التعبير عنها، كل ما في الأمر أنك لا تملك الوقت الذي كان متاحاً لأجدادك للتأمل في الطبيعة وكتابة المعلقات أو قراءتها وتأليف المقطوعات الموسيقية أو الاستماع اليها وغيرها من الأمور التي يدَّعون ضرورتها للتعبير عن الذات وبناء الحضارات. لاحظ عزيزي القارئ أنهم ألفوا “ألف” ليلة وليلة بأكثر من ١٣٠٠ صفحة لأنهم لم يمتلكوا الأدوات اللازمة لإنتاج فيلم رومانسي عجائبي يختصر كل رغباتهم بالجنس الجامح.

 لكنك في غنى عن ذلك كله؛ لأن لوحة المفاتيح على هاتفك تحتوي عدداً هائلاً من الإيموجيز التي يمكنك استكشافها والخوض فيها (٣٣٠٤ حتى تاريخ هذا المقال)، مقابل ٢٩ حرفاً فقط في اللغة العربية. عدد كلمات اللغة العربية مثلاً ١٢ مليوناً بكل تصريفاتها ومرادفاتها غير المستخدمة، لكن شرح ما تريده باستخدام الإيموجيز يعني أن عدد التبادلات التي من يمكن الخروج بها على فرض استخدام ما لا يزيد عن خمسة إيموجيز في المرة الواحدة سيبلغ ٣٩٢٥٤١١٠٩٣٣٩٥٧٩٢٠٠.  تخيل الآن كيف يشعر المتنبي وشيكسبير بالخجل من ضآلة الأعمال التي أنتجاها.

٣. لا تخشَ مواجهة مشاعرك 

أي لغة جديدة تتعلمها قد تربكك في البداية؛ الأمر شبيه بما مررت به عندما واجهت اللغة الانجليزية لأول مرة وكان بطل الفيلم يتحدث بها بطلاقة فائقة وأحسست أنك ضائع، ولكنك الآن تغرِّد بها كالبلبل.

قد تستعصي عليك بعض المشاعر السلبية التي لم يسبق وتعاملت معها أثناء بحثك في قاموس الإيموجيز، مثل😫 و 😔  و 😨 و😰؛ هذا أمر طبيعي، وهو الثمن الذي يجب أن تدفعه مقابل نموك ونضجك العاطفي. 

٤. اختر الإيموجيز بعناية

سيؤدي انتشار الإيموجيز قريباً إلى تلاشي اللغات ومحو الفروقات بين الثقافات، والنجاح فيما فشلت به محاولات خلق لغة الإسبرانتو المشتركة، وإزالة الحواجز التي تحول دون تواصل الناس على اختلاف مشاربهم؛ فتتفاهم شعوب العالم أخيراً وتتناغم وتتماهى مع بعضها البعض في جماعة واحدة موحدة المشاعر، لذا، ننصحك ألا تعقِّد العملية وتتفنن وتسعى للانفراد بأساليبك؛ لأنك بذلك ستعيد أخطاء أجدادك حين ضلوا طريقهم وانزلقوا في دوامة الرموز اللامتناهية واخترعوا لغات ومنظومات طويلة عريضة وضعتهم أمام معضلات صعبة كالتي تواجهها الآن. 

ولكن انتبه، فالبساطة لا تعني الاستهتار باختيار الإيموجيز؛ لأنها ستُفقدك مصداقيتك مع الوقت، وستؤدي بك لنشر آراء وعواطف سطحية وكاذبة على منصات التواصل الاجتماعي التي نستلهم منها جميع أفكارنا ومشاعرنا. وإياك ثم إياك الاستسلام والعودة إلى كتابة الجمل واستعمال علامات الترقيم، لأنها قد تكشف من تعانيه من جفاف عاطفي أو خلل اجتماعي، وبالتالي عدم إمكانية الوثوق بك بغض النظر عما تكتبه. كل ما عليك فعله هو التحلي بذوق رفيع في تركيب إيموجياتك، لذا، كن حذراً وانتقائياً في التعبير؛ فـ 😍 تُظهر إعجابك بالشخص، أما إذا أضفت لها 👍 فهذا يعني إعجابك بما قاله الشخص. واستخدام الكلام مع الإيموجيز أمر شائك أيضاً؛ فعندما ترسل لحبيبتك سمر “شكراً” يليها 🙂 تكون بالفعل جحشاً غبياً كما سبق وأخبرتك، وتستحق الـ 🤬 التي أرسلتها لك، لأنك ترسل الـ 🙂 لصديقك الأزعر علاء الأزعر كي تقول له: لعنة الله عليك يا كلب، أما الـ🌹فترسلها لخالتك منال رداً على تمنياتها لك بجمعة مباركة، بينما ترسل الـ😘  أو 😉 لسوسن التي تواعدها بالسر، يا تافه. سمر يجب أن ترسل لها ❤️.

أما الآن عزيزي القارئ، سأتركك مع ملخص لكامل مقالي بلغة الإيموجيز، لترى بنفسك مدى بساطة العملية وسهولتها، إييييييييه، لو كنت ضليعاً بها مثلي لما اضطررت لاستعمال غيرها: 

شعورك تجاه المقال؟