لايف ستايل، تقرير

خمسة أشياء نسيتها في المكتب قبل الحجر وماذا حدث لها

مليحة فسقوص - مراسلة الحدود لشؤون الخروج من بطن الحوت

Loading...
صورة خمسة أشياء نسيتها في المكتب قبل الحجر وماذا حدث لها

هل تذكر المكتب؟ ذاك المكان القَصي الذي ترتاد حافلة كبيرة كي تصل إليه، حيث المكاتب الخشبية والطاولات المتهالكة والكراسي المدوّرة مكسورة العجلات والمدير السمج، هل تذكره؟ ذاك المكان الذي كنت تقضي فيه ثلاثة أرباع يومك دون أن ترى الشمس. نعم، للأسف، لقد انتهت فسحة الحجر الصحي وحان وقت رجوعك إليه.

نعلم أنّك عشت أزمة وجودية وحرماناً عاطفياً جعلاك تشتاق إليه بكل من فيه، متناسياً أنّك كنت تخطط يومياً لاستراتيجية هروب جديدة بعد نهاية الدوام حتى لا يراك أحد ويطلب منك إنجاز المزيد من المهام؛ فتتسلل على رؤوس أصابعك وتنسى أغراضك فيه لشدة ارتباكك، وترفض المخاطرة والعودة لأخذها.

اطمئن، لا تزال حاجياتك التي تركتها في مكانها، فلا أحد مهتم بأخذها، لكن عليك أن تهيئ نفسك للتغيرات التي طرأت عليها وتستعد لملاقاتها دون ذعر. لذا، ومن منطلق دعم الموظف للموظف سأخبرك بمصير خمسة أشياء منها، لأجنبك صدمات نفسية جديدة إلى جانب رؤية زملائك.

١. قلم الحبر السائل الأسود الجميل ذي الخط الرفيع الدقيق الغامق الذي سرقته من زميلتك سهاد: لم يعد يصلح للكتابة؛ لأنك واصلت مضغ غطائه حتّى آلمتك أسنانك، ثم تلف الغطاء وأصبح مكشوفاً من عدة جهات، وهو ما أدى إلى تبخر حبره مع مرور الوقت. لكنّ الخبر الجيد أنك تستطيع مضغ القلم كاملاً الآن دون الخوف من فوران الحبر في فمك.

٢. التفاحة وحبات الخيار الثلاث وشريحة الخس: وجبة الغداء التي وضعتها في درج المكتب حين قررت بدء حمية غذائية ونظام صحي صارم قبل أن يطلب زملاؤك البرغر وتؤجل خططك الصحية إلى يوم آخر، لم تتعفن وتسّود وتتآكل فحسب، بل استمرت في إفراز سوائل ملأت الدرج وزادت تشويه خشبه الرديء أصلاً، فضعف وتحلّل وانهار وتساقط فتاته على الدرج الأدنى منه، حيث قطعة الكيك المُتخشبة التي اشتريتها وخبأتها عن زميلك مصعب الفجعان. لا داعي لوصف شكلها الآن.

٣. زميلك عِماد: لن تُصدّق ذلك، لكنه ما زال جالساً وراء المكتب منذ تركته آخر مرة غارقاً في تنفيذ المهام الموكلة إليه وتلك التي أوكلها إلى نفسه. لقد فكّر بالعودة إلى المنزل عدة مرات لكنّه ينتظر مجيء المدير وتربيته على رأسه وشكره على جهوده. كذلك، لا، لم يسقِ النباتات أو يمسح بقعة القهوة الناشفة على الغاز كما تظن ولا حتى دخل الحمام، لخشيته أن يحضر المدير خلال أوقات حظر التجول بالصدفة ويراه يفعل شيئاً غير العمل فيعتقد أنّه يتسلى، ويخسر الإطراء.

٤. الكتاب الذي كنت تحمله يومياً على أمل قراءته في الحافلة خلال الطريق: وكأنّ حضرة جنابك تسكن في الريف الفرنسي وتذهب إلى عملك في باريس بالقطار، أو كأنّك تجد مقعداً في الحافلة التي تصعد وتهبط طوال الوقت بسبب الحفريات في الشارع على أنغام صوت السائق ورائحة الفستق الخارجة من أنفاس الراكبين. اطمئن يا حبيبي، الكتاب على حاله، ملقى على درج المكتب منذ قرَّرت نسيانه متعمداً هناك (ثمة احتمال أن تجد بعض أوراقه ممزقة لأنّ عماد يستخدمهم لتنظيف أسنانه، لا تصدقه إن أنكر ذلك).

٥. ورق الملاحظات الأصفر والأخضر والأحمر والوردي الذي ألصقته على الحائط وكنت تدون عليه مهماتك اليومية في العمل وتاريخ تسليمها: كان من الممكن ألّا تصفَر أطراف تلك الأوراق ويبهت لون الحبر عليها ويضعف اللاصق الذي يبقيها على الحائط، لولا أنّك تضعها هناك منذ تمّ تثبيتك في العمل ولم تعد خائفاً على خسارته. لن تجد سوى ملاحظة واحدة تتضمن المهمة التي كلَّفك بها مديرك قبل الحجر وهدَّدك بالطرد من العمل ما لم تنفذها في الموعد.

شعورك تجاه المقال؟