الاتحاد الأوروبي يندد مستخدماً ألطف الكلمات وأحنِّها بضمَّ إسرائيل لأراضي الضفة الغربية
٢٠ مايو، ٢٠٢٠

بعد كتابة المسودة الأولى وتعديلها ومن ثمّ التخلّص منها وكتابة مسودة ثانية وثالثة ورابعة وتعديلها، نجح الاتحاد الأوروبي أخيراً في صياغة بيان شديد الرقة والنعومة والحنان واللُطف والحميمية والوداعة، للتنديد بقرار إسرائيل المخالف للقانون الدولي بضمِّ أراضٍ من الضفة الغربية.
وتالياً نسخة من البيان، حصل عليها مندوبنا في الاتحاد الأوروبي بعد أن حلف بشرفه المهني أن يبحث في المعاجم العربية عن المعنى الدقيق اللطيف لكل كلمة واردة فيه تحريَّاً للرقة.
“الأشقاء الأعزاء، رفاق الديمقراطية وحاملو شعلة السلام في الشرق الأوسط، الإخوة المظلومون المنكوبون دائماً وأبداً حتى عندما تَنكبون، نرسل إليكم تحياتنا من الشمال الذي عانى أجدادكم من برده في الماضي السحيق، واضطررتم لحرق البشر والحجر والأخضر واليابس في الشرق الأوسط على مدار عقود لتشعروا بالدفء من جديد. أمّا بعد..
نتمنى ألّا يُشكّل بياننا هذا مصدر إزعاج أو قلق أو توتر لأيّ منكم، لكنّنا نود نُصحكم لا أكثر، بمراجعة قرار ضم أراضٍ من الضفة الغربية. فكما تعرفون، لقد اضطررنا سابقاً لعدم الاعتراف بسيادتكم على هذه الأراضي، ولا نود تشويه موقفنا أمام المجتمع الدولي، آملين ألّا تفهموا ذاك القرار بطريقة خاطئة أيضاً، فمن مصلحتكم ألّا يشعر الفلسطينيون أنّنا نتجاهل حقوقهم، فيغضبون ويشعلون شغباً أنتم ونحن في غنى عنه.
أيها الإخوة، إنّ التاريخ الاستعماري المشترك بيننا، دليل على أننا لن نُصبح بين ليلة وضحاها في صف مواطني العالم الثالث، لكنّ شعوبنا لها آذان وأعين، وباتت تعرف ما يحدث في الأراضي الفلسطينية* وتعترض وتذكرنا بحقوق الإنسان والمواثيق الدولية والقوانين وما إلى ذلك. نعلم أنّ هذه الأشياء لا تعنيكم بقدر ما لا تعنينا طالما لم تكن لحمايتنا، إلّا أنّنا نضطر لمجاراتهم من وقت لآخر، فشعوبنا ما زالت غِرّة لا تفهم تعقيدات السياسة كما يفهمها شعبكم الكريم.
نأمل أن تأخذوا بعين الاعتبار موقفنا الدبلوماسي من الكيان الفلسطيني، وعدم افتتاح معظم دولنا لسفارات فلسطينية، خلافاً لعلاقتنا القوية والمتينة مع دولتكم الموقرّة والتي نأمل ألّا يؤثر عليها بيان قد يفهم بطريقة خاطئة بأنّنا نُملي عليكم ما تفعلون أو نُهدّد أو نندّد، لا قدّر الله. إنه مجرد بيان شكلي، ونيتنا والله والله صافية وحسنة.
آسفون آسفون آسفون آسفون.
إخوتكم في الاتحاد الأوروبي”.
*رفضت كل من النمسا والمجر المشاركة في البيان، واعتبرتا نُصح إسرائيل ينطوي – بحد ذاته – على وقاحة وقلة حياء وتدخل فيما لا يعني الاتحاد الأوروبي، وبحسب خبراء معاداة السامية، فإنّ استخدام عبارة “الأراضي الفلسطينية” في البيان أفزعتهما من فكرة استفزاز إسرائيل أو جرح مشاعرها.