رمضان يقضي على آخر أمل لديك بتعديل جدول نومك
منال أبو كعّوب - مراسلة الحدود لشؤون أحلام اليقظة
٠٤ مايو، ٢٠٢٠
ضبطُ ساعات النوم أمرٌ يؤرق الكثيرين في رمضان؛ حيث تتغير مواعيد الوجبات في معظم البيوت، وتنقلب الحياة رأساً على عقب لأن جميع فعالياتها كانت تتمحور حول الطعام. أما أنت، عزيزي القارئ، فحالتك استثنائية ولطالما استعصت عليك هذه المسألة؛ فوضعت أمامك هدفاً بداية هذا العام، وكل عام، بالحصول على ست ساعات نوم، وأن تحصل عليها بشكل متواصل، وأن تحصل عليها ليلاً، لكن كيف لك استيفاء هذه الشروط خلال رمضان، الذي يكون فيه الناس العاديون بأسوأ حالاتهم التي توازيك في أفضل حالاتك؟
لا شك أنك فرحت في بداية الحجر وأنت تتابع الناس من حولك يسهرون الليالي ويستسلمون للكسل نتيجة وجودهم في المنزل طوال الوقت، حتى زملاؤك النشيطون الذين كانوا يستيقظون قبل موعد الدوام بساعة كاملة ويجدون وقتاً كافياً لممارسة اليوغا، وتناول الفطور، واحتساء القهوة، وتحميل صورهم على إنستاغرام، ويعيشون حياةً بأكملها قبل وصولهم إلى المكتب، حتى هؤلاء أصبحوا يتأخرون بفتح حواسيبهم، ويظهرون عبر الفيديو بملابس نومهم وشعرهم الأشعث وأفواههم المتثائبة، وقد فاتتك فرصة رؤيتهم بهذا المظهر والشماتة بهم، لأنك كنت نائماً في تلك الأثناء.
ولا شك أنّك حاولت إنقاذ كرامتك بتقديم الأعذار والاعتذارات والانخراط بنقاشات العمل بجدية، متظاهراً أنك تابعت كل ما قيل قبل وصولك، ولكن سرعان ما حامت شكوك زملائك حول أسلوب حياتك المريب، وبدؤوا التلميح بأن شخصاً يفشل بالسيطرة على جدول نومه سيفشل بمتابعة جدول عمله. ولترد اعتبارك أمامهم وصلت الليل بالنهار وبقيت مستيقظاً على أمل أن يصيبك النعاس مساءً في اليوم الثاني، قبل أن تكتشف محدودية جسمك الإنساني وتنهار ويباغتك النوم أثناء ساعات الدوام، ما دفع زملاءك للتعامل معك بمزيد من الفوقية، وانتهاز كل فرصة لفعل ذلك أثناء الساعات القليلة التي يصادفونك فيها مستيقظاً، حتى وصل بهم الأمر لكتابة مقال كامل للاستهزاء بك، وأنت تعرف أنّ رئيس التحرير سيقرأه وتتمنى أن يضحك عليه دون الربط بينك وبين الشخصية في المقال، ولكننا متأكدون أنّ أبو صطيف سيكتشف أمرك ويخصم من راتبك أو حتى يطردك من فريق الحدود يا حيوان يا كسول، لماذا تتأخر بالنوم دون أي عواقب بينما نحن نستيقظ باكراً؟
حلّك بسيط. استغل رمضان والق ساعتك البيولوجية في القمامة عوض محاولة إصلاحها. كن واقعياً؛ أنت تستيقظ قبل الفطور بدقيقتين، وتسهر لمشاهدة المسلسلات واللعب على الحاسوب والدردشة مع أصدقائك، وتنتظر وجبة السحور لتستعد للصيام، أو لمؤازرة الصائمين مع أنك مفطر، ومن ثم تعد لنفسك كوب شاي ليساعدك على هضم كميات الطعام المهولة التي تناولتها، وتخلد إلى النوم فور زوال مفعول الكافيين من جسمك، فتغمض عينيك لساعتين قبل أن تستيقظ للعمل مجدداً وتتظاهر بإنجاز بعض المهام لتعود إلى النوم. استمر على هذه الوتيرة حتّى انتهاء الشهر الفضيل، ونحن أكيدون أنك ستنجح بتطبيق هذه الاستراتيجية إلى أن يحل العيد، ونحتفل بالأخبار السارة حين نسمع من سعادة المدير أنه طردك وخلصنا منك.