حلول معجزة كورونا في الوقت المناسب قبل انتهاء صلاحية حجة حفظ الأمن كوسيلة للقمع
١٤ أبريل، ٢٠٢٠
على مدار عقود من تاريخها المعاصر، عوَّلت الحكومات العربية على إمكانية استمرارها بناءً على صفقة مع شعوبها. لم تكن صفقة بالمعنى التقليدي، بل جمعاً بين فعليِّ الصفع والتصفيق؛ أساسها مبني على معادلة الأمن والأمان مقابل كل شيء: احتكار السلطة والاقتصاد، تهالك النظامين التعليمي والصحي، قمع الفكر، السكوت على انتشار المشتقات الحديثة للكنافة، مثل تلك المغطاة بالنوتيلا، الهزائم المتتالية للمنتخب الوطني، وانتفاء الكرامة.
ومقابل كل تلك التنازلات، انحصرت مسؤولية النظام بتوفير الأمن والأمان للمواطنين من المواطنين أمثالهم. ويستدل من يرغب في تقييم أداء الحكومة غالباً بمعيار خرياتوف للسعادة المجتمعية الذي سُنَّت أسسه في الاتحاد السوفييتي القرن المنصرم، ويقيس نجاح النظام بإمكانية زوجة المواطن النزول من البيت ليلاً لشراء علبة سجائر دون التعرُّض للاغتصاب.
إلا أن الحكومات، وفق خبير الشؤون الاستراتيجية شرحبيل عبد الموجود، لاحظت خلال العقد الأخير أن تلك المعادلة لم تعد مجدية، وأن الطرق المعتمدة مثل التفجيرات العشوائية والمؤامرات والدعم الاستراتيجي للجماعات الإرهابية وقصف المناطق السكنية والحشد ضد إسرائيل أثبتت فشلها في تذكير الشعوب بأهمية دور الحكومة الساعي للحفاظ على الأمن والأمان.
ويعتقد شرحبيل أن الحلول الأمنية غير ناجعة إلى حد بعيد في إشعال فتيل الوطنية “حتى القيادات سئمت من استخدام الوسائل النمطية التي كانت مسلية في بعض الأحيان؛ لذلك جاءت كورونا في الوقت المناسب تماماً، مانحة الحكام حجة قوية لإبقاء المواطنين في البيت بعيداً عن الشارع حيث يتظاهرون، ووقتاً للتفكير ووضع خطط لإحكام سيطرتهم على الشعوب مجدداً وتجريبها على السجناء السياسيين قبل تطبيقه على نطاق واسع”.
وأوضح شرحبيل بأن هذه الفرصة ليست متاحة للأبد “للأسف، لن يستمر تأثير كورونا أكثر من سنة أو سنتين قبل تطوير وإنتاج لقاح فعَّال. لذا، علينا التوصل للبديل خلال فترة وجيزة. قد يكمن الحل في تركيب قضبان حديدية على أبواب المنازل، فلا يغادر أحد منزله إلا بموافقة الدولة. من المؤكد أنه خيار صعب ومكلف، يمكننا البحث في حلول أخرى، ولكن من المهم أن نبني على النجاح الباهر الذي ساهم فيه الفيروس ونتحرك بسرعة لإيجاد حلول مستدامة للأزمة قبل فوات الأوان”.