هل تعلم أنّ جامعة الدول العربية لا تزال موجودة؟ إليك أبرز إنجازاتها
تامر غباتير - خبير الحدود لشؤون الأشياء التي لا شأن لها
٢٤ مارس، ٢٠٢٠
يعتقد الكثيرون أنَّ جامعة الدول العربية انتهت بوفاة جمال عبد الناصر، حيث لم نعد نسمع تلك الخطابات الرنانة والبيانات الغاضبة، وبصراحة كنت أنا أيضاً أظن ذلك؛ لكنَّ عملي كمراسل يجبرني على تصفّح ويكيبيديا بشكل يومي للاطلاع على أهم المناسبات العالمية؛ مثل ذكرى تأسيس تحالف هنا أو هناك، ذكرى إقامة هيفاء وهبي لعيد ميلادها على سطح منزلها، اليوم العالمي للمراحيض، وقد علمت بمحض الصدفة عن ذكرى تأسيس جامعة الدول العربية، ودفعني فضولي الصحفي لمعرفة العام الذي أُغلقت فيه الجامعة العربية بالشمع الأحمر، لاكتشف أنّها ما زالت قائمة شامخة حتّى يومنا هذا، بل تعقد اجتماعات وقمماً بشكل طبيعي!
وقد فوجئت، عزيزي المُتابع، كما ستتفاجأ أنت، أنّ تأثير الجامعة العربية يتعدى المساحة التي تشغلها في القاهرة، ما دفعني للتكفير عن ذنبي بالاستخفاف بهذا الصرح ومشاركتك أهم الإنجازات التي حققتها منذ تأسيسها وحتى اليوم.
أولاً: دعم الأدب والشعر والفن والقطاع الساخر في العالم العربي
لم يكن الشاعر العراقي مُظفَّر النواب ليكتب قصيدته “قمم”، ولم يكن محمود درويش ليستوحي العديد من السطور في “مديح الظل العالي”، لولا وجود الجامعة العربية وقممها ومواقفها وبياناتها. الحقيقة أنّ هذه الجامعة التي لا تعلم أنّها لا تزال موجودة؛ ساهمت في رفعة الأدب والفن العربي على مدار 75 عاماً من دون أن ينتبه أحد لهذا الجانب المثير منها ويكتب رسالة دكتوراه أو حتّى مشروع تخرّج عن الموضوع. كيف كان لمسلسل مرايا أن يملأ مواسمه السبعة عشر لولا الجامعة العربية؟ كيف كُنا اليوم سنكتب هذا المقال أصلاً لولا وجودها. إنّ المشكلة لا تكمن بتكاسل الجامعة عن رفدنا بالأفكار، بل بتراخي المُبدعين في العالم العربي ومللهم من تكرار نفس السرديات حولها، دون تكليف أنفسهم عناء البحث عن جديدها.
ثانياً: تعزيز السياحة في مصر
رغم إسهاماتها السياحية في العالم العربي عموماً؛ حيث يتنقل القادة العرب في كُل قمّة من دولة إلى أخرى ويتعرفون على معالمها السياحية وأكلاتها الشعبية التي تُقدّم في البوفيهات، فضلاً عن الموفدين من الصحافة والإعلام، إلّا أنّ أم الدنيا بالطبع لها النصيب الأكبر؛ فنطراً لقدم حضارتها وتنوع أماكنها السياحية ومنتجعاتها وطبيعتها الخلابة، تقرَّرت إقامة اجتماعات الدورة العادية لرؤساء الخارجية في مقر الأمانة العامة بمصر، ما يُعزّز السياحة في البلد. وقد يدفع انبهار وزراء الخارجية بجمالها إلى جلب عائلاتهم معهم في الاجتماعات القادمة وإنعاشها اقتصادياً.
ثالثاً: إعادة الروح إلى اللغة العربية
تنطوي بيانات جامعة الدول العربية على الكثير من الكلمات البليغة التي لم نكن لنتعرّف عليها لولا الجامعة؛ فأنا شخصياً، لم أكن أعلم أنّ الـ (لا) يمكن جمعها فتصبح (لاءات)، لولا لاءات قمة الخرطوم الثلاث. إنّ المواظبة على قراءة بيانات جامعة الدول العربية يساعد باكتساب لغة استنكارية بليغة وجميلة.