تغطية إخبارية، خبر

أمريكا تقرّر الانسحاب من أفغانستان بعد نسيان سبب وجودها هناك مع مرور السنين

Loading...
صورة أمريكا تقرّر الانسحاب من أفغانستان بعد نسيان سبب وجودها هناك مع مرور السنين

كانت مثل أي علاقة حب غير محسوبة تفتقد مقومات النجاح، كالهوايات المتشابهة أو انسجام الشخصيات أو حب النوع ذاته من المتفجرات، تزوَّجا وعيونهما مغشيّة بشغف وحماس ورومانسية الأيام الأولى، لكن العلاقة سرعان ما أفل نجمها، ونسي الطرفان الولع الذي جمعهما يوماً من الأيام. حاولا استعادة رونق البدايات؛ فقصفا المدنيين، وانتهكا حرمة المشافي: تفجير انتحاري هنا، عقوبات دولية هناك، دوريات عسكرية بلا معنى، اغتيال قادة يقابله قتل أجانب أو صحفيين، لكنّ البريق لم يعد فلم يبق أمامهما حلٌ سوى الافتراق، بعد نسيان الماضي الذي جمعهما.

انتهت العلاقة في حفل توقيع حافل بالأحاسيس رغم بساطته؛ المُلَّا عبد الغني بردار، أحد مؤسسي طالبان، حضر بنفسه، أما أمريكا فأرسلت مبعوثها زلماي خليل زاد، لتوهم الجميع بعدم اكتراثها بالتوقيع على اتفاقية سلام وانسحاب من أفغانستان، وأنها في صدد البحث عن حرب جديدة تذكّرها بأحاسيس الشوق والغرام في اللحظات الأولى من اختراق الطائرات الحربية لمجال جوي جديد.

إلا أنّ مصادر مقربة من أمريكا أكدت أن قرار الانسحاب من أفغانستان جاء بعد أن فوجئ رئيسُها ومسؤولوها بنسيانهم سبب تواجدهم فيها من الأساس، مؤكدين أن الدمار الذي طال البلاد ومقتل الآلاف من المدنيين والجنود من كل أطراف النزاع استمر بسبب خجل واشنطن من الاعتراف بالحقيقة.

وقال مصدر مسؤول “شخصياً، لا أتذكر ما قاله ترامب البارحة، فما بالك بعلاقة استمرت لعقود كعلاقتنا مع طالبان والمجاهدين الأفغان؟ دعمنا المجاهدين ضد السوفييت وهيأنا الأمور لبن لادن، لكنّهم انقلبوا ضدنا؛ دعمنا قلب الدين حكمتيار عن طريق السي آي إيه، فهرب إلى إيران وحارب ضدنا من باكستان وصار رئيساً للوزراء، حتّى جلال الدين حقاني الذي احتضنته السي آي إيه أعلن علينا الجهاد ثم اضطررنا لاحتلال البلد بأكمله للسيطرة على بن لادن، حيث فرّ إلى باكستان، واحتمى بالبلد التي كنّا نظنها حليفاً نرشّه بالمساعدات، بتنا لا نعرف من معنا ومن علينا، ولم نكن نعلم من يضاجع من في تلك الأيام، وما زلنا لا نعلم”.

ولكن المصدر أكد أن العلاقة مع طالبان في العقدين الأخيرين لم تخلُ من اللحظات الجميلة “أتذكر عندما قصفنا مشفى قندهار عام ٢٠١٦، بعد أن ادعينا وجودهم فيه، ومناوشاتنا معهم في كابول كالهجوم على فندق إنتركونتننتال قبل سنتين، والذي أعاد إلينا ذكريات جميلة لن ننساها، لكنّ هذه اللحظات لم تعوِّض إحساسنا بأن شيئاً ما ليس على ما يرام، دون أن نعرف ما هو هذا الشيء، كأنّك تدخل إلى غرفة وتنسى سبب دخولك إليها، إلا أن هذه الحالة استمرت ١٩ عاماً”.

وأعرب المصدر عن أمله بأن يكون الانسحاب من العلاقة نهائياً “فرضية الانتكاس موجودة دائماً، وقد تستيقظ طالبان في أحضاننا ذات يوم، كما استيقظت يوماً وقررت خرق الاتفاقية في لحظة طيش، وهذا جزء طبيعي من مراحل انتهاء العلاقة. أكاد أجزم أنهم أيضاً لا يتذكرون سبب وجودنا وسيعثرون على شركاء آخرين يرهبون المدنيين في خروجهم معهم أو يتعاونون معهم على انتهاك حقوق الإنسان. أمّا نحن، فقد نسيناهم تماماً وفي طور علاقات جديدة واعدة ستؤدي إلى قصف أو احتلال جديد، مثل إيران، وآن الأوان أن نبدأ صفحة جديدة ناصعة البياض”.

شعورك تجاه المقال؟