تغطية إخبارية، خبر

ابن سلمان يتعلم من أخطائه ويمنع تسريب معلومات موثقة حول إخفاء الأميرة بسمة

Loading...
صورة ابن سلمان يتعلم من أخطائه ويمنع تسريب معلومات موثقة حول إخفاء الأميرة بسمة

بعد نحو سنتين من دخول خاشقجي قنصلية بلاده في اسطنبول وعدم خروجه منها، وتصريح العاهل السعودي جلالة ولي العهد محمد بن سلمان بأنه غادر القنصلية بعد دخولها بـ “دقائق أو ساعة”، وتوصُّل الأمن التركي إلى أنه قُتل داخلها، ودخول المحققين الأتراك لتفتيش القنصلية، واتهام إردوغان لأعلى المستويات في السعودية، ومطالبته بمحاكمة ١٨ مشتبهاً منهم أعضاء في الحرس الملكي وعسكريون وطبيب شرعي دخل اسطنبول وهو يحمل منشار عظام، واعتقاد ترامب أن “قتلة مارقين” ربما يقفون وراء الجريمة، وتوصل السعودية إلى حدوث شجار أدى إلى وفاته، وقول ترامب إن التفسير السعودي موثوق به، ثم تراجعه وإبداء عدم رضاه عنه، وظهور تسجيلات توثق عملية القتل، وإصدار المفوضية الأممية لحقوق الإنسان تقريراً يتهم السعودية بقتله عمداً، واتهام مجلس الشيوخ الأمريكي ولي العهد بالتورط في الجريمة، واعتراف ابن سلمان بأن مقتله في ظل إدارته يُحمله المسؤولية، دون أن يحمل قدر أنملة منها. بعد كل هذا، ها هو يخفي الأميرة بسمة آل سعود، ولكن بعد تعلمه من أخطاء الماضي وأخذه كامل الاحتياطات والإجراءات اللازمة لمنع تسريب معلومات موثقة حول القضية.

وتُظهر هذه العملية تطوراً ملموساً بأداء محمد، إذ فعل فعلته بالتزامن مع  طرح نفط البلاد، أسهم شركة أرامكو، للبيع، مما يتيح له الحفاظ على صورته حتى لو ظهر على الشاشات حاملاً رأس شخص بيده، ويحافظ على تدفق الاستثمار إلى السعودية.

إضافة إلى ذلك، أخفى محمد الأميرة في منطقة نفوذه، حيث لا توجد خديجة جنكيز لتُفزع الدنيا عليها، وحتى لو وجدت فباستطاعته إخفاؤها. وحيث من المستحيل أن يفتح الإعلام السعودي فمه حول القضية، وبالتالي، لن تصبح قضية رأي عام، ولن يكون هناك إردوغان يتوعد ويلوِّح ويهدد، ولا جزيرة تغطي الملف أربعاً وعشرين ساعة، ولا كاميرات مراقبة تكشف آخر صورٍ لتحركاتها، ولا أجهزة تنصت تقدم تسجيلات تثبت أي شيء، وإن وجدت، يمكن اعتبارها غير موجودة. 

وحتى لو وُجدت أجهزة تجسس لجهات أجنبية، وبُثَّ محتواها دون أدنى تردد بفضحها حقيقة تجسسهم، لقناعتهم بأن من يتهمونه مذنبٌ لن يجرؤ على الاعتراض حول تجسُّسهم عليه، وأجبن من أن يكترثوا به. حتى لو كانت تلك الأجهزة موجودة؛ فهي في السعودية حيث يمكن لمحمد التمسك بالرد الهادئ والإعراب عن القلق حول مصير الأميرة؛ وفي أسوأ الأحوال، إذا تعرض لضغط كبير حول مصيرها، يستطيع أن يعرض على من يتهمه أو يسأل عنها أن يتفضل إلى الريتز كارلتون ليشرح له وجهة نظره ويفهمه خطأه.

ومما يوضح بشكل أكبر مقدار ما تعلُّمه محمد، هو أن عملية الإخفاء ضربة استباقية؛ لم ينتظرها حتى تغادر البلاد وتحدث مشكلة ويتحرك على إثرها، بل قام بما يلزم فور ملاحظته دعمها لعمل إصلاحات دستورية وللقضايا إنسانية، وهو ما جعله يتنبأ باحتمالية أن تطالب بإجراء إصلاحات، على غرار الناشطات المعتقلات، قبل أن يجريها بإرادته الحرة.

التطور الذي حدث يبشِّر بعمليات نوعية في المستقبل القريب، لا تكون فيه الوثائق التي تؤكد حدوث إخفاء أو اغتيال أو اعتقال غير موجودة فحسب، بل لا تكون هناك أخبار تتحدث عن الأمر، وكأن شيئاً لم يكن.

شعورك تجاه المقال؟