أغطية الأقلام وثلاثة أشياء أخرى لا تحظى بيوم عالمي للاحتفال بها
٠١ أغسطس، ٢٠١٩
هدى أبو ندبة – مراسلة الحدود لشؤون الأيام العالمية
رغم الميزانية المرتفعة التي تتمتع بها الدول والمنظمات والهيئات الدولية، وتبرُّع الدول والأفراد لها من موازناتهم لتخصيص أيام للاحتفال بعاداتهم ومعارفهم ومشاعرهم وأشيائهم وهواياتهم المفضلة والشجرة والصديق والحبيب والسباحة والعراك بالمخدات والسعادة والمراحيض، إلّا أنّ تقصير هذه الجهات بات واضحاً للعيان، ولم يعد بالإمكان التغافل عن استمرار تجاهلها عناصر أساسية في حياتنا اليومية وتركها بلا يوم عالمي.
نحن في الحدود، ولأنّنا نقف مع الفئات المستضعفة، نسلِّط الضوء اليوم على هذه العناصر، لنعطيها بعضاً من حقها، ونعتذر منها عن حرمان العالم لها من التواجد على الروزنامة وأعمدة الصُحف.
أولاً. أغطية أقلام الحبر:
وكأنَّ الغطاء ينقصه تهميشٌ فوق التهميش الذي يعيشه، فبين نسيانٍ وعضٍّ ورمي، وخلطٍ بوضع الغطاء الأحمر على القلم الأزرق والغطاء الزهري على القلم الأخضر. فقد غطاء القلم هويته ليتحول إلى نكاشة أسنان أو قطعة مساعدة لفتح مقبس الكهرباء أو أداة لتنظيف الأذنين.
ثانياً. الذبابة العالقة بمصباح غرفة شاب حنطيِّ اللون ذو بشرة دُهنية وشعر أجعد واسمه نِهاد:
كم ذبابة علقت بمصباح غرفة شاب اسمه نِهاد ذو بشرة دهنية مائلة إلى السُمرة وشعر أجعد؟ كم من ذبابة باضت داخل المصباح وقدَّمت أولادها قرباناً له، ليصبحوا جثثاً هامدة تُشكل انعاكساً جميلاً للضوء على بشرته؟ إن إقل ما يمكننا فعله هو تخصيص يوم عالمي أو نصب تذكاري يُخلِّد تضحيتها خلال حياتها التي لا تتجاوز الأسبوع لتؤنس وحدة نهاد.
ثالثاً: الشخص الذي يجلس إلى جانب النافذة في المقعد الأخير بالباص ظُهر يوم الثلاثاء
قد يكون هذا الشخص أنت، أو أحد أقاربك، قد يكون، في يوم من الأيام، أنطونيو غوتيريس شخصياً، ذاك الذي نجح بتخطي الجماهير العريضة التي تنتظر الباص مُنتصف الأسبوع، لقد حلم، وخطَّط، وهرع، سبق الجميع وتربَّع على عرش المقعد الأخير إلى جانب النافذة، وتسمَّر في موقعه متجنّباً نظرات السائق وهو يحاول حثَّه على التخلّي عن المقعد لفتاة جميلة، لا يهمّ إن كان هذا الشخص أبيض أو ملوناً أو أسود، سميناً أو نحيفاً، إن قرَّر وضع السماعات أو قراءة الجريدة أو النوم أو أكل الترمس، المهم هو إنجازه النوعي الذي يحلم الملايين بتحقيقه.
رابعاً. الغرض
بالتأكيد، ولا بدَّ، أن أمك طلبت منك إحضار ذاك الغرض الموجود إلى جانب الغرض الموضوع فوق الأغراض من الغرفة التي هناك، والغرض لمن لا يعرفه، هو الحاضر الحاضر، الجندي المجهول في حياتنا، نستعمله كل يوم دون الالتفات لأهميَّته، أو حتى الاتفاق على تحديد اسم واحد له، فهو الشيء، البطيخة، البتاع، الزفت، الحاجة، الويل، والشغلة، وعلاوة على كل ذلك، ليس هناك اتفاق على هوية الغرض؛ من الممكن أن يكون الريموت كونترول المُلقى خلف الكنبة، أو أمامها، أو فوقها، احتمال أن يكون الوسادة في غرفة النوم، أو المطرقة المرمية مع أدوات المطبخ، أجل، إنه الغرض، هو اللاشيء، وكل شيء، ومن حقه أن يحظى بيوم عالمي أو أي زفت.