مَن مِن قادتنا العظماء سيكون الحاكم في الجنة؟ الحدود تسأل نفسها والحدود تجيب
فزَّاع البيعة - خبير الحدود لشؤون السياسة المابعدوجودية
٠٣ ديسمبر، ٢٠١٨
الجنّة، مساحات شاسعة مترامية الأطراف إلى المالانهاية، ثرواتٌ طبيعية هائلة لا تنضب، وشعوب من شتَّى الأديان والمذاهب والأعراق دخلوها برحمة الله، يرتعون في نعيمها، ويجلسون على أرائكها، ويتمدَّدون على الأسرَّة إلى جانب الحوريَّات بعد أن يغبُّوا من أنهار الخمر والعسل، دون حساب، وكأنَّها، استغفر الله، وكالة دون بوَّاب.
ولكنَّ الأمور لن تبقى على حالها، إذ لا بدَّ من حاكم قوي يلجمهم ويضع حدَّاً لحالة الفلتان هذه، ونحن، بفضل الله، لدينا من القادة والزعماء العظماء الكثير الكثير، وجميعهم، بفضل الله أيضاً، يفيضون بالإيمان والحكمة والحنكة والذكاء والفطنة والهيبة والوسامة والفروسيَّة، وهم جميعاً، بطبيعة الحال، في الجنة خالدون فيها، كما هم خالدون على الأرض، ولا يمكن لأي قوةٍ في الكون أن تسيطر على مجريات الأمور كما يفعلون.
فمن منهم يا ترى الأصلح ليكون القائد والأب الحاني والمعلِّم المُلهم لأهل الجنة؟
لقد أعددت جدولاً حشدت فيه جميع زعمائنا، وفاضلت بينهم في القدرة على إلقاء خطابات الوحدة والقومية والمصير المشترك والمصالح المشتركة، ووضع الاستراتيجيات الأمنيَّة بما تشتمل عليه من مُخبرين ودرك ومحقِّقين وبساطير وقوات خاصة وشرطة وجيش وسجون وإعلام، وقدرتهم على عقد التحالفات ونقضها، وتوصَّلت إلى استحالة استئثار أحدهم بالحكم دوناً عن غيره.
إن كلاً من هؤلاء العظماء يعدُّ رمزاً بحدِّ ذاته، لا بديل له، وبدونه يتزعزع كيان الجنة وينحدر مصيرها نحو المجهول. لقد خلق ليكون القائد الأوحد للأبد، لا ينازعه في ملكه مخلوق، وليس من الوارد بأي شكل من الأشكال أن يكون نائباً لغيره أو مستشاراً أو وزيراً أو، حاشى لله، مواطناً عادياً مثل رعاع المؤمنين.
ولمّا كان الأمر كذلك، فإنَّني أوصي بتقسيم الجنة، ليحظى كل منهم بجنَّته الخاصة، يستأثرُ بمواردها ويبتكرُ الوزارات ويوظِّف أقاربه في المناصب العليا ويفرض الضرائب ويصكُّ العملة بصورته ويحرِّض الرعايا على الجِنان الأخرى للأسباب التي يراها، ويهندس الفوضى بداخلها وفق منهجيَّته الخاصة.
ولضمان سلاسة العملية، لا بد من إنشاء جامعة الدول العربية – فرع الجنة، للحفاظ على عقد قمم دوريَّة يتبادل فيها القادة الشتائم والاتهامات ويفرِغون احتقاناتهم بداخلها، ثم يصدرون بيانات تدعو لتعزيز العمل المشترك وأواصر الأخوَّة والوحدة والترابط بين شعوب الجنة الشقيقة، وكفى الله المؤمنين القتال.