الردّ على ادّعاء أهل الوقاحة أن الحاكم- كالبشر - يضطّر لقضاء الحاجة
بديع الحدود العسفاني، محرر المقامات في الحدود
٢٤ أغسطس، ٢٠١٨
دَأَبَ الْخَارِجُونَ عَنْ إِجْمَاعِ أَهْلِ الْعَقْدْ، عَلَى الِانْتِقَاصِ مِنْ أَمْجَادِ صَاحِبِ كُلِّ الْمَجْدْ، وَالْمسَاسِ بِذَاتِهِ الْمُرْتَفِعَةِ الرَّفِيعَةْ، وَالطَّعْنِ بِصِفَاتِهِ الْحَمِيدَةِ الْبَدِيعَةْ، فَيَزْرَعُونَ مِنْ الشَّكِّ الْخَسِيسِ مَا وَهَىْ، وَمِنْ الْحِقْدِ الْخَبِيثِ مَا قَلْبُهُمْ اشْتَهَىْ، ضَارِبِينَ بِمقَامِهِ الْجَلِيلِ عَرْضَ الْحَائِطْ، أَلَا مَرَّغَ اللهُ أَفْوَاهَهَمْ بِالْغَائِطْ.
فَيَسْأَلُونَ بِخُبْث المأفونين اللِّئَامْ، عَنْ ذَاتِ قَائِدِنَا الصِّنْدِيدِ الْهُمَامْ، وَيَقُولُونَ ألا يَتَبَوَّلُ زَعِيمُكُمُ الْعَظِيمْ، وَيَخْرُجُ الْبِرَازُ مِنْ شَرَجِهِ الْكَرِيمْ، وَأَلَّا تملأُ مِرْحَاضَهُ -كَمَرَاحِيضَ الْبِشْرْ-، رَائِحَةٌ قَذِرَةٌ لَا تُبْقي وَلَا تَذَرْ، وَيَظُنُّونَ فِي ذِي الْقَوْلِ نَيْلٌ مِنْ جَلَالِهِ، وَانْتِقَاصٌ يَفْضَحُ نَقْصاً فِي كَمَالِهِ. لَكِنَّ هَيْهَات أَنْ تَنَالَ الْكِلَابُ مِنْ الْأَسْوَدْ، وَأن يَدْنُوَ إِلَى حَضِيضِ عِبَادِهِ الْمَعْبُودْ.
فقَلّْ لِمَنْ تَمَادَى بِالْكَلَامِ وَمِنْ تَقوَّلْ، أَنَّ الْحَاكِمَ يَتَبَوَّلُ عَسَلًا إِنْ تَبَوَّلْ، وَأَنَّه إذا تبرّز فبرازُه يذوبْ، كالسكرِ بالفمِ وتفوحُ منهُ الطيوبْ. وَمِرْحَاضُهُ يَا لَيْتَني أَزُورُهُ يَا لَيْتْ، لأجعلنَّهُ مَزَارًا وَقِبْلَةً وَبَيْتْ، ولأرشفنَّ مِنْهُ رُشْيفاتِ مَاءْ، تَرْوِي كُلَّ عَطَشٍ وَتُشفي كُلَّ دَاءْ.
وَأعْطِفْ عَلَى الرَّدِّ فِي مَنْ تَمَادَى بِالْأَقْوَالْ، وَطَعَنَ بِكَمَالِ صَاحِبِ كُلِّ الْكَمَالْ، أَن تَبَرُّزَ الْجَلَالَة لَيْسَ لِحَاجَةٍ فِي جَسَدْ، بَلْ تُقَرِّبٌ لِلْمَعْبُودِ الْكَرِيمِ مِمَّنْ عَبدْ، وَأَصْلًا الْجَلَالَةَُ لَا تَمْلك جَسَدْ، بَلْ هَالةََ نُورٍ تُصِيبُ النَّاظِرَ بِالرَّمَدْ، لَيْسَ لَهَا كفوٌ أَوْ نَظِيرٌ مِنْ بَشَرْ، وَلَا رَبٌ فِي كَوْنٍ وَلَا نَحْتٌ مِنْ حَجَرْ، وَحَاشَاهَا مِنْ الْحَاجَةِ لِقَضَاءِ الْحَاجَاتْ، وَهِيَ الَّتِي سَمَتْ فَوْقَ سَبْعِ سَمَوَاتْ.
أَلَا فَاهْدِنَا لِصِرَاطِك يَا عَالِيَ الْمقَامْ، وَأبْعِدْنَا عَنْ صِرَاطِ خَفَافِيشِ الظلَامْ، وَأدْخِلْنَا فِي مَلَكُوتِكَ يَا أَطْهَرُ الْأَطْهَارْ، وَأرِنَا بِهِمْ جَبَرُوتَكَ وَاحْرِقْهُمْ بِالنَّارْ، إنك تَرْحَمْهُمْ إذ تمنحهم الْمَمَاتْ، فَحَيَاةٌ دُونَ حبّك بئسها مِنْ حَيَاةْ.