تغطية إخبارية، تقرير

الحدود تتابع فرحة الموز المحظوظ الذي اشتراه الرئيس السيسي

Loading...
صورة الحدود تتابع فرحة الموز المحظوظ الذي اشتراه الرئيس السيسي

كان مجرد بذور في الأرض، شقّها ونما، وحينَ أينع وحان وقت قطافه وإلقائه في الصناديق، ظنّ الموز أنّه سيلقى مصير إخوانه؛ فيُرسل إلى المخازن ثم يُنقل إلى مدن مصر وقراها لتتلقّفه أفواه الشعب وتأكله دون رحمة، لكنّ مشيئة الله اختارت بعض ثمار الموز وفضّلتها على كثير من عباده، ومنّت عليها باصطفاف قافلة سيادة الرئيس الدكر عبد الفتاح نور عينينا السيسي قربها، في حدث صار اعتيادياً من فخامته الذي لا يتوانى عن إيجاد فرصة يتفقّد فيها أحوال الرعية ويطمئن أن بطونهم مشبَعة وأنهم يرقدون آمنين.

وحين نظر عبد الفتاح من نافذة سيارته إلى بائع الفواكه وحملق في بضاعته، لم يفرح البائع فحسب، بل فرح الشعب برئيسه، وتراقص عمرو أديب على شاشة التلفاز واحتفلت الصحف المصرية بالحدث المهيب، وطارت الصناديق من البهجة وانشرحت ثمرات الفواكه. وحين صوّب عينيه الحادتين ناحية الموز؛ كاد الموز أن يتطاير من الغبطة، وتمنّت كل موزة أن تكون هي المختارة، محاولة التظاهر بالنضوج لتحظى بإعجاب الرئيس الدكر، ولولا قوانين الطبيعة لنطق الموز وقال “خذني أنا يا ريّس، خذني وباركني بيديك ولعابك”. 

وبعد بضع ثوانٍ، أشار الريّس بأصبعه إلى بعض الثمّار ليهرول رجاله ويُخرِجوها من الصناديق برفق ويضعوها بين يديه المباركتين، وحين داعبها وتحسسها بأصابعه، أوشكت على التقشّر من شدة البهجة، واستقام بعضها وانتصبت قامته، وتحوّلت أخرى إلى اللون الوردي خجلاً، ولمّا لاقت القبول والرضى من سيادة الرئيس أدركت أنّ ما هي مقبلة عليه لم يقبل عليه موز من قبل؛ لأنّ موزاً في طبق السيسي أو خلّاطه، خير من موز سيذوب تحت الشمس ويفسد بسبب انشغال الشعب بتناول اللحوم وعدم اكتراثه بالفاكهة أو الخضار.

لا شكّ أن فرحة الموز باختيار السيسي له مفهومة؛ إذ إنّه سيركب سيارته الفارهة ويستقرّ في القصر الرئاسيّ وينعم في مطبخه، حيث يتم غسله وتحميمه وتعقيمه مئات المرات لتزول عنه بقايا عرق الفلاحين. وبعد أن يجفّ في هواء القصر النقي الذي يستنشقه الريس، سيُقطّع إلى قطع صغيرة مدللة تتوزع في أطباق عامرة بكل أنواع الفواكه المحظوظة، ليعيش أعظم لحظة في حياته القصيرة؛ حين يرتفع من طبق الريس إلى شفتيه الطريتين، ثم إلى أسنانه الحازمة التي لا يُظلم عندها طعام، فيتقلّب في فمه غارقاً في لعابه، قبل أن يصطدم بلهاته الرخوة الوردية ليمرّ بمريئه المستقيم المرن، وصولاً إلى معدته التي ستبدأ بامتصاصه وجعله جزءاً من جسد لا يهرم ولا يمرض. 

ولأنّ البقاء للأقوى، لا بدّ أن يفقد بعض الموز هذا النعيم حين يفشل في الكفاح للبقاء داخل أمعاء الرئيس وينتهي به الحال في مجاري القصر بعد جلوس السيسي على مرحاضه الفخم، منهياً سعادة الموز. 

شعورك تجاه المقال؟