لايف ستايل، تحقيقات الحدود

الحدود تعثر على خمسة أشياء لم تتدخل حتى الآن بعذريتك

Loading...
صورة الحدود تعثر على خمسة أشياء لم تتدخل حتى الآن بعذريتك

رغم حصولكِ على حق التصويت والعمل والسير في الشارع وقيادة السيارة وارتياد الحافلة والجلوس في السرفيس إلى جانب السائق، وحرية شراء النوتيلا وتناولها مع البسكويت أو التوست أو حتّى مع القطايف، إلّا أنّكِ، عزيزتي القارئة، لا تتوقفين عن تقمّص دور الضحية وادعاء أنّ حقوقكِ منقوصة وحرياتكِ مُقيّدة وأنّ كل من على الأرض يحاكمكِ ويتدخل في شؤونكِ الخاصة، لمجرد أنّ نوعية الملابس التي ترتدينها وساعات عودتكِ إلى المنزل والمقاهي التي ترتادينها والوظيفة التي تختارينها، تُمثل قضايا رأي عام، أو لأنّ شرف العائلة والأمة والأمم السابقة يرتبط بعذريتكِ؛ فتتمادين في المظلومية وتتذمرين لمجرد اطمئنان الصيدلاني على شرف الصيدلية وسؤالكِ إن كنت عذراء عند رغبتك بشراء غسولٍ نسائي أو شفرة حلاقة، وتستشيطين غضباً حين يتفقّد والداك قوة ضخ الشطاف بشكل دوري حفاظاً على صحتكِ وسلامتكِ وعذريتكِ.

اهدأي عزيزتي القارئة، روقي يا مركز الكون، لستِ بالأهمية التي تظنين أنّك عليها، ولا تنشغل جميع الكائنات الحية بكِ كما تظنين، وحتى نثبت لكِ ذلك بالدليل القاطع، بحثنا واستطلعنا وسألنا واستقصينا وجبنا الأرض، حتى عثرنا على خمسة أشياء لا تكترث إن كنت عذراء أم لا.

أولاً. شجرة الزينة المزروعة على رصيف المدينة: خلافاً للمحافظ الذي أمر بزراعتها، والجهة الممولة للزراعة، والعامل الذي حفر الأرض وزرعها، وذاك الذي يسقيها ويلملم أوراقها في فصل الخريف، والأطفال الذي يلعبون تحتها، والمارة الذين يقضون حاجتهم عندها أو يرتطمون بغصنها ويلعنون الساعة التي زُرعت فيها، خلافاً لهؤلاء، إنّ الشجرة نفسها عزيزتي القارئة لا تكترث بالمُطلق بعذريتك ولن تحرمكِ من ظلها وتتبرأ منكِ في حال فقدتِ عذريتكِ قبل الزواج. وهذا الأمر ينطبق على أشجار الزينة المزروعة على رصيف المدينة فقط؛ إذ تدخلّت النخلة التي استظلت بها السيدة مريم العذراء بعذريتها، وأسقطت عليها رُطَبًا جَنِيًّا كمكافأة لها على عفتها، ومن الوارد أنّها كانت لتسقط فوق رأسها وتحطمها إرباً وتغسل شرف الناصرة إن لم تكن عذراء. 

ثانياً. القطط: نعلم بجميع الأقوال المتداولة حول تربية القطط، ونعلم أنّ امتلاككِ لقطة بعد عمر الثامنة عشرة يُعدّ شهادة اجتماعية بأنّك عانس حزينة تبكي في المساء في حضن قطتها الأليفة، عذراء لم يمسسها ذكرٌ من قبل، لكنّنا نتحدث هنا عن القطة نفسها؛ وأنا أؤكد لكِ أنّها غير معنية بالمطلق بعذريتك. ولا تساورنَّك أي شكوك بأنّها تتصرف بلؤم وخبث ووقاحة معكِ لأنّها تشك بأنكِ لستِ عذراء؛ فهي كائنات لئيمة بطبيعة الحال، وسوف تهرع إلى حضنك عند حاجتها للطعام وتزدريكِ عندما تشبع. لكن إن كنت ترغبين بشراء قطة من متجر حيوانات أليفة وعدم تبنيها من الشارع قد تواجهين البائع الذي يمتلك الحق كاملاً بمعرفة إن كنتِ عذراء أم لا ليعلم أكثر عن البيئة التي سيرسل إليها القطة. 

ثالثاً. البعوضة: حتّى هذا الكائن الطفيلي، الذي يُداهم الجلسات الحميمية دون سابق إنذار، ويتصفح مع الناس الكتب التي يقرؤونها ويتناول معهم طعامهم ويوقظهم من النوم ليحشر إبرته بين جلودهم وملابسهم الداخلية، حتّى هذا الكائن اللزج، لا يعينيه إن كنت عذراء أم لا، وسوف يقرصكِ بجميع الأحوال. 

رابعاً. نزار قباني: لا يهتم الشاعر السوري نزار قباني ولا يتدخل بأي شكل كان بعذريتكِ، ذلك لأنّه توفي عام ١٩٩٨ وتوقّف عن البكاء على “البكارة” التي فقدها الوطن، ولم يعد يطالب “عنترة” بالثأر للشرف الذي ضاع بعد انفضاض البكارة، تماماً كما توقّف عن مطالبتكِ بأن “تثوري على شرق السبايا”، حيث إنّه لم يعد “يُفصّل من جلد النساء عباءة ويبني أهراماً من الحَلماتِ” أيضاً. 

خامساً. أنتِ: إنّ جهازكِ التناسلي عزيزتي القارئة مُلك مشاع للمجتمع؛ فالعائلة مسؤولة عن حفظه والعناية به قبل تسليمه إلى زوج المستقبل، وأصدقاء وأعداء العائلة يستخدمونه كاستعارة لسبِّهم وقذفهم، ويستعيره الشعراء والأدباء والمدونون والصحفيون وسائقو سيارات الأجرة المثقفون لمجازاتهم العميقة، ما يجعل مسألة العذرية شأناً عاماً ليس لكِ أنتِ أي علاقة به. 

شعورك تجاه المقال؟