تغطية إخبارية، خبر

الحكومة تؤمم الصحافة

Loading...
صورة الحكومة تؤمم الصحافة

قررت الحكومة الرشيدة تأميم جميع الصحف والإذاعات والمحطات التلفزيونية والمنصات الإعلامية ووضعها تحت الإدارة العامة، في محاولة جديدة لمكافحة انتشار الآراء بين الناس وحماية المجتمع من التعرض لمعلومات دقيقة محايدة قد تؤدي في أسوأ الأحوال إلى إدمانهم على التفكير.

ومن غير المعروف تماماً سبب اتخاذ الحكومة هذا القرار؛ فهي بحكم هيبتها وسطوتها تسيطر على الإعلام مشهداً وإعلاميين وأقلاماً، وعلى والإنترنت والكمبيوترات والقانون والدستور والرأي والرأي الآخر، واليوم والغد واليوم السابع والعاشر، وبإمكانها منع النشر حول موضوع وتكثيفه حول موضوع آخر أو خلق موضوع من الفراغ، وتشكيل جوقة طبالين من كوادر التحرير وجعل رئيس التحرير يقفز على ساق واحدة وهو يهتف “أنا إمَّعة أنا إمَّعة”.

أساساً، تتشكل غالبية كوادر المؤسسات الإعلامية “الخاصة” من كوادر رسمية من المخابرات، كالمخبرين وكتبة التقارير أو أمن الدولة أو الأمن العام، إلى جانب من حصلوا على وظائفهم ببركة واسطاتهم الحكومية أو العسكرية القوية، وأغلب الظن أن قرار التعميم جاء لشعور الدولة بالملل من إملاء خطابها على كل وسيلة إعلامية بشكل منفرد، وقررت ربطها برئيس تحرير واحد قادر على تشكيل وعي الناس وفق هواها، فضلاً عن وضعها النقاط على الحروف وتسمية الأشياء بمسمياتها عوض الإرهاق الواقع على كاهلها جراء التظاهر باحترام الآراء والتعددية والنقاش البناء والحرية وحق الاختلاف وما إلى ذلك من هراء.

ووفقا للخبير والمحلل الرسمي مؤنف رهطل، فإن الله يحب إذا عمل أحد عملاً أن يتقنه تماماً، وإن أُغلق باب أن يقفل المفتاح “بعض المؤسسات الإعلامية وخصوصأً الجديدة منها، تعتقد أنها مستقلة بالفعل لمجرَّد تقديمها مواضيع حساسة وسيرها بجانب الخطوط الحمر وتجاوزها بما لا يتعارض مع القانون والدستور، مع أنَّها غبية وفشلت بتوظيف كفاءات قادرة على إيصال الرسالة الحكومية التي يجب عليها إيصالها. ويمكننا القول إن الخطر يكمن في وجود الإعلام بيد مجموعة من الأشخاص، الكاذبين، المتكئين على المنظمات الدولية والجهات الخارجية ودساتيرها وقوانينها، الراغبين بتحقيق مصالحهم الشخصية عبر الترويج لأجنداتهم الخاصة بصبغة الصالح العام، لتشكيل رأي عام موالٍ لهم، لذا، من الضروري تأميمه ليصبح ملك الناس، تحت إشراف مجموعة من الأشخاص، الصادقين، المتكئين على مؤسسات الدولة وقوانين المنع والحجب والتأميم، الراغبين بتحقيق مصالح الوطن عبر الترويج لأجنداتهم الوطنية التي تحقق الصالح العام، طبعاً.

وتساءل الخبير عن الجهة التي استقل عنها هذا الإعلام “عن الدولة؟ هل يمكننا اعتباره إعلاماً منشقاً؟ بالطبع، إعلام منشق، إنهم انفصاليون، يودون خلق دولة داخل الدولة. ويجب أن تفرض سيادة الدولة على رؤوسهم، لن نبقي الحريات سائبة على حل شعرها لأن بقاءها سيغوي الرأي العام ويصيب الآلاف أو الملايين بأفكار خطرة قد تنتهي بوفاتهم ضرباً بالمظاهرات أو السجون.

وأشار الخبير إلى البلبلة والشوشرة والضياع التي يتسبب بها الإعلام المستقل للمواطنين جراء تضارب المعلومات المنصبة عليه من الجهات الرسمية والمستقلة، والتي تصعِّب عليه تحديد الجهة التي تقدم له الحقائق، أما مع وجود الحكومة مصدراً واحداً للمعلومات، سيرتاح المواطن ويعرف أنه لن يحظى بمصدر آخر يمكن أن يكون صادقاً، فيصدق الحكومة بكل الأحوال.

في سياق متصل، أكدت مصادر حكومية أن الصحف والمنصات الإعلامية المؤممة ستبقى بمسمياتها القديمة حفاظاً على متابعيها، ولإذكاء روح المنافسة بين مختلف الدوائر الحكومية ورفع جودة ما ستنتجه من بروباغندا.

يذكر أن التأميم لن يكون نهاية المطاف؛ إذ من المرجح جداً أن تعدل الدولة عن قرارها بعد بضع سنوات وتخصخص الإعلام، وفقاً لمقتضيات المرحلة الراهنة وحدّة المنعطفات التاريخية وكمية الأموال في خزائن المسؤولين.

شعورك تجاه المقال؟