لايف ستايل، دليل الحدود

دليل الحدود للبهيم الذي يصرُّ على مغادرة المنزل رغم قراءته مقال الحدود بالأمس

مراسل الحدود لشؤون البهائم الداشرة 

Loading...
صورة دليل الحدود للبهيم الذي يصرُّ على مغادرة المنزل رغم قراءته مقال الحدود بالأمس

منذ انتشار وباء كورونا وفرض الحجر الصحي ومنع التجول، رأينا عدداً من الناس استمروا بالخروج من بيوتهم. ونظراً لاهتمامنا بالمجتمع وحاجتنا لبقاء القراء على قيد الحياة وبصحةٍ جيدة ليقرؤوا مقالاتنا ويتفاعلوا معها، نشرنا في الحدود خبراً عن هذه الفئة الضالة لتوعيتهم بمخاطر مخالطتهم للآخرين، وكتبنا الخبر بقالبٍ ساخر وملأناه بالنكات وكأنَّنا أصحابٌ نمازح بعضنا، وسايرناهم بوصفهم أبطالاً خارقين وهيا يا أمامير ارجعوا إلى بيوتكم ولا تنشروا الوباء أكثر يا شُطَّار. لكنَّ البهائم تبقى بهائم، ولا تزال فئة تصر على مغادرة منازلها لأي حجة تافهة مثلهم.

لكننا ما زلنا نأمل أن نعدل ذيل الكلب، لذا، نقدِّم لك، عزيزي البهيمة الذي غادر منزله لأنه شعر بالملل يا حرام هذا الدليل للبقاء في منزلك والحجر على نفسك، بلا نكات ولا أسلوب منمَّق ولا بطيخ، لأنَّك بهيمة. الأساليب اللطيفة تخصُّ للبشر، أما البهائم مثلك، فلن نعاملهم إلا كبهائم، لعلَّهم يستوعبون؟ خطورة مغادرة المنزل بأجسادهم اللزجة النَّاقلة للعدوى في هذه الفترة العصيبة.

قبل البدء بسرد الخطوات، حاول استجماع ما تملك من قدرات ذهنية. ندرك مدى صعوبة الأمر عليك، لكنَّ والله لولا أهمية التزامك بمنزلك وأثر ذلك علينا نحن لما اكترثنا بك. ركِّز جيداً، اشرب كوب قهوة وسيجارة، أو كوب شاي، أو أي مادة من شأنها أن تساعدك في تنشيط خلايا دماغك، ثم اقرأ مقال أمس مرة ثانية، وثالثة، وإن لم تفهمه، وهذا وارد جداً، لا تقلق أو تشعر بالإحباط وتدخل في نوبة غضب وتغادر المنزل لتتمكَّن من خبط الباب خلفك، بل استعن بصديق يلخص لك المقال ويشرح لك ما غاب عنك من أفكار (عبر الرسائل النصية أو الهاتف طبعاً يا بهيم)، وحين تفهمه أخيراً، اقرأ النقاط التالية: 

١. اعلف في منزلك

طبعاً، فأنت بهيم، كيف لنا أن نقنعك بأي شيء آخر غير تناول الطعام؟ على الأغلب يحوي منزلك طعاماً يكفي لشهر كامل، لخوف والديك أن تأكلهما إن لم تجد ما يكفي لإشباعك وإصابتك بالتخمة. ابق هناك إلى أن تُفرغ المخزون بأكمله، وحينها، يمكنك الخروج لشراء المزيد. لا تحاول التذاكي وأكل كلَّ المخزون في يومين والتذرَّع بنفاد الطعام لمغادرة المنزل، فلن تغادره حينها إلا نحو المستشفى وتأخذ سرير مريضٍ آخر يحتاجه أكثر منك، أو على الأقل لم يتسبب بالأذى لنفسه لأنه ليس تيساً كحضرتك.

٢. اكسر قواعد المنزل

نعرف أنك بطلٌ وأسد بين رعاع الخرفان تواجه صعوبة في الالتزام بأي قانون، ولا نطلب منك أن تصبح آدمياً فجأة، على العكس تماماً، ننصحك بالنَّظر للجانب الإيجابي من الحجر الصحي؛ إذ يوفر لك فرصة لكسر المزيد من القوانين التي استعصت عليك طيلة حياتك، فلا بدَّ أنَّك تشعر بالملل من عدم ارتداء حزام الأمان أو استخدام الغمَّاز وإلقاء نفاياتك في الشارع، ولم تعد تشعر باللذة لكسرك هذه القواعد يومياً. أما الآن فأنت أمام عددٍ لا نهائيٍّ من الخيارات: يمكنك الشرب بأكواب الضيوف والمشي فوق البلاط الممسوح حديثاً وترك الأضواء منارةً طوال الوقت، حتى التبوَّل دون رفع الغطاء! لمَ لا؟ إن اشتكى أحدهم سلوكك، تمالك غضبك ولا تفكر بالانتقام عبر الخروج ولعق الشارع ومقابض الأبواب وعربات التسوق لتجلب لهم كورونا ومئة فيروسٍ آخر. فكّر، لِمَ تجلب لهم أمراضاً تقتلهم بسرعة بينما تستطيع جلب الموت البطيء لهم عبر استفزازهم بوجودك؟ الزم مكانك واشبع شغفك بالمزاح الثقيل و التسبُّب الأذى.

٣. حفِّز عقلك

بينما ينهمك أفراد عائلتك بمتابعة مستجدات انتشار الفيروس وطرق الوقاية منه، أثبت لهم أنَّك أذكى منهم جميعاً ولا تكترث بهذه الهموم التافهة لأنَّك أعلى منها وليس لصعوبة فهمها أبداً. ابدأ بممارسة الرياضات العقلية كتأليف نظريات مؤامرة تفسر انتشار المرض كما تريد، بدءاً من كونه صنيعة شركات الأدوية أو فيروسا فضائياً زُرع بيننا للقضاء علينا أو قصة اختلقتها نيتفليكس لنشاهد المزيد من المسلسلات، يمكنك حتى القول إنَّه لقاحٌ نشرته أمريكا لنصبح كلنا مثليين. المهم، أياً كانت نظريتك، حاول إمضاء  أكبر وقتٍ ممكن في التفكير فيها مع نفسك. لكن احذر من نشرها على نطاقٍ واسع حتى لا يدري صناع الفيروس بكشفك أمرهم ويغتالونك.

٤. استغل التكنولوجيا الحديثة

نرجو ألَّا تلجأ لهذه الخطوة إلَّا بعد فشل الخطوات السابقة جميعها في إبقائك معزولاً، لكن، والله يستر، سنترك لك المجال بالحديث عن أيِّ أمرٍ تريد على مواقع التواصل الاجتماعي. أجل، يمكنك كتابة المنشورات أو تصوير الفيديوهات، تحدَّث عن مكياج الفتيات وقيادتهنَّ، عن حبِّك لصدام حسين و/أو إردوغان و/أو بوتين و/أو السيسي الخ، خططك للنهوض بالبلاد، أي شيءٍ تريد، ونعدك ألَّا نسخر منك أبداً، ونتمنى أن تستوعب مدى خطورة مغادرتك المنزل؛ فنحن مستعدون لتحمل سماع آرائك، لأن، ونعم، من الصعب علينا قول ذلك: آراؤك أقل سوءاً وخطراً من الفيروسات التي ستكون حضرتك حاوية لها.

شعورك تجاه المقال؟