مسؤول يلوم مدير دائرة يلوم موظفا يلوم زميله فيلوم قسم الآي تي ليلوم بدوره الميزانية التي تلوم الوزير الذي يلوم رئيس الوزراء الذي يلومك أنت أيها الكلب الذي لم يدفع ما يكفي من الضرائب

لام مسؤول رفيع المستوى، مدير الدائرة الحكومية العريقة التي يعمل بها، والذي لام بدوره الموظف الكسول، ليؤكّد الأخير أنّ اللوم يقع على الحمقى في قسم الآي تي، حيث لام القسم المسؤولين عن الميزانية السخيفة الممنوحة له، الذين تنهدوا عميقاً ولاموا الوزير، الذي حمّل المسؤولية كاملة لرئيس الوزراء، والذي لامك، نعم، أنتَ أيها الكلب الذي لم يدفع ما يكفي من الضرائب.

ولم تقف دائرة اللوم عند هذا الحد، حيث قررت أنتَ إلقاء اللوم أيضاً، ولكنك لمت من هو أعلى من رئيس الوزراء، ممّا تسبب بذهابك وراء الشمس، وتعرّضت أمك التي لم تُحسن تربيتك للوم شديد، مما دفعها للوم أبيك قبل أن يرافقك وراء ذات الشمس، فلامت حسام، الطفل الذي تنمّر عليك في الصف الثالث وتسبب لك بعُقد نفسية، وهو الأمر الذي لم يقنع جماعة وراء الشمس، لكنّهم أحضروا حسام ليرافقكم على أيّ حال.

وبعد جرجرة حسام من أذنيه وسيلان الدم من أنفه وإصابته بالعقم إلى الأبد، لم يسكت عن حقه الذي يكفله له القانون والدستور والأعراف والقيم، بلوم الممرضة العبوس التي صفعته على مؤخرته بقوة فور نزوله من رحم أمه، حيث أشارت الأخيرة إلى أنّ اللوم يقع على خطيبها الذي نسي عيد ميلادها ذلك اليوم، في حين لام الأخير الميزانية التي لم تسمح له بشراء تقويم، ولام المسؤولون عن الميزانية الوزير، الذي لام رئيس الوزراء، الذي عاد ليلومك أنتَ بالطبع أيها الكلب الذي لم يدفع ما يكفي من الضرائب.

لكنّك هذه المرّة تعلمت أن لا تلوم السلطات العليا، فقررت لوم ملك الموت الذي لم يأخذ روحك بعد، حيث لام عزرائيل وإخوته الملائكة، وأنداده الشياطين، الله العلي القدير لأنّه خلقك وخلق الآخرين من أمثالك لتفسدوا في الأرض وتتبادلون اللوم.

ولكن، متى ينتهي كل هذا اللوم؟

ومن قال أنه يجب أن ينتهي؟ اللوم هو البداية والنهاية، هو السؤال الجواب، إنه ملح حياتنا وسكرها، هو كل شيء وأي شيء ولاشيء؛ مدور لا بداية له ولا نهاية، مثلنا ومثل واقعنا تماماً.

لم لا تنته المعاملة؟ لماذا تستمر الأسعار بالارتفاع ولا تنتهي الطوابير ولا تصل باصات النقل العام ولا يعالج الأطباء المرضى في المستشفيات؟ من وراء انقطاع الكهرباء وعدم عودة موظف الاستعلامات من استراحة فطوره منذ ثلاث ساعات؟ كُلّ هذه الأسئلة وغيرها الكثير الكثير تلف وتدور ويعاد تدويرها وتُقذف في مجرور الصرف الصحي لهذه البلاد، الذي هو أنتَ يا عزيزي المواطن.